أكد الإمام الخميني (قدس سره) على حرية التفكير و حقّ إبداء الرأي، فقارن بين النظام الإسلامي وغيره من الأنظمة، من حيث إعلان الحرّيات فقال: "نحن لانخشى أن يتكلموا في الغرب ضدّنا، وأن يعترض علينا الذين يدّعون أنّهم يراعون حقوق الإنسان. يجب أن نعاملهم على ميزان العدل، وسوف نفهمهم –فيما بعد- ما معنى الديمقراطية. فالديمقراطية الغربية فاسدة، والديمقراطية الشرقية فاسدة، والديمقراطية الحقيقية هي الديمقراطية الإسلامية. وإذا وفّقنا فسوف نثبت للشرق والغرب بعدئذٍ: أنّ ديمقراطيّتنا هي الديمقراطية، لا الديمقراطية التي عندهم"[1].
والديمقراطية المقصودة هي حرّية الناس في التعبير عن آرائهم، وليس المقصود منها النظام الديمقراطي الغربي الذي تسمّى بهذا الاسم وبهذا العنوان والذي تبنّى أفكار وتصوّرات وممارسات وضعت تحت عنوان الديمقراطية، ومن هذا الأفكار حرّية الناس أو الشعب في التعبير عن الرأي.
قال الإمام (قدس سره) :"إنّ الإسلام ليس ديمقراطياً، مع أنّ الإسلام أسمى ديمقراطية من كلّ الديمقراطيات"[2].
والإسلام أسمى ديمقراطية بمعنى: أنّه أسمى من غيره في منح الحرّيات للآخرين – ومنهم الأقليات الدينية – في التعبير عن آرائهم مادامت لا تتآمر على المسلمين أو تبثّ الدعايات السيّئة. وقد وضع الإمام (قدس سره) قاعدة كلّية في حرّية جميع الناس بما فيهم الأقليات الدينية فقال: " الجرائد تقوم بإصلاح أنفسها. لاتخون الإسلام والمسلمين، لايسيئوا إلى دماء مظلومينا، لا ينشروا الدعايات السيئة، يقفوا ضدّ المؤامرات. ولكنّ الناس أحرار في آرائهم. عندما يعلن الاستفتاء حول انتخاب النظام فإنّي أصوّت للجمهورية الإسلامية، وكلّ من يتّبع الإسلام فيجب أن يطلب" الجمهورية الإسلامية"، ولكنّ الناس كلّهم أحرار لكتابة آرائهم وإعلانها... ذلك الشخص الذي يقول: نحن نريد الجمهورية الديمقراطية، يعني : الجمهورية على نمط الغربي، أيَّ سوء رأى من الإسلام؟ ماذا يعرف عن الإسلام؟ الإسلام يؤمّن الحرّية و الاستقلال والعدالة"[3].
وقال (قدس سره): "نحن لدينا الحجّة والبرهان. الذي يملك البرهان لايخاف من حرّية البيان، لكنّنا لا نسمح بالمؤامرات، هؤلاء ليس لهم كلام سوى التآمر. لقد دعوناهم، عيّنا أشخاصاً يدعونهم ليعرضوا مطاليبهم في التلفزيون، نبحث معهم، ولكنّهم لم يحضروا"[4].
فقد وضع الإمام (قدس سره) قاعدة كلّية في منح حرّية التعبير عن الرأي لجميع الناس مسلمين كانوا أم غير مسلمين، موافقين للإسلام أم مخالفين.
وقد أقرّ دستور الجمهورية الإسلامية هذا الحقّ في بعض موادّه، فقد نصّت الفقرة السابعة من المادّة الثالثة على "تأمين الحرّيات السياسية والاجتماعية في حدود القانون".
ونصّت المادة السادسة والعشرون على ما يلى:
" تتمتّع الأحزاب والجمعيات والهيئات السياسية والنقابية والهيئات الإسلامية وهيئات الأقليات الدينية المعروفة بالحرّية، بشرط أن لاتنقص اُسس الاستقلال، والحرّية، والوحدة الوطنية، وقيم الإسلام، وأساس الجمهورية الإسلامية، ولايمكن منع أيّ شخص من الاشتراك فيها، أو إجباره على الاشتراك في إحداها".
فحرّية الرأي مصونة في آراء وتوجيهات الإمام الخميني (قدس سره)، فلكلّ إنسان الحقّ في التعبير عن رأيه أزاء مختلف القضايا والاُمور والأحداث والمسائل السياسية، بشرط أن لاتسيء إلى الآخرين، وأن لاتنشر الدعايات المغرضة، وأن لا تعارض المصلحة العامّة.
المصدر: اُسس العلاقات وحقوق غير المسلمين في منهج الامام الخميني (قدس سره)، ص120، سعيد كاظم العذاري، الطبعة الاولى، موسسة العروج ، طهران 1430هـ.ق .
[1] توجيهات الإمام الخميني إلى المسلمين: 19.
[2] توجيهات الإمام الخميني إلى المسلمين: 159.
[3] توجيهات الإمام الخميني إلى المسلمين: 10.
[4] توجيهات الإمام الخميني إلى المسلمين: 11.