الحديث عن ريحانة الرسول(ص)، وعقيلة الولاية وام الامامة(ع)، قد يطول اذا ما اردنا، ان نوفي للموضوع حقه! وليس ذلك بطارئ على الامة الاسلامية، خاصة والانسانية بشكل عام، لأن سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء(ع)، اُسوة ونبراس، ليس فقط للنساء المسلمات، بل ولجميع النساء الموحّدات... فقد ارتقت بجهادها وسلوكها الى درجات(عليين)، واصبحت نموذجاً صادقاً لكل امرأة مسلمة، بسيرتها وكلامها، تتسابق النساء لارتشاف ولو قطرة واحدة، من ينبوع الزهراء(ع) الصافي، الشافي... وبلغت الى درجة قال فيها الرسول(ص): «ان ابنتي فاطمة سيدة نساء اهل الجنة»...ومُشيراً(ص) الى عظمة وجلالة الزهراء(ع) قائلاً «يافاطمة الا ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء هذه الامة وسيدة نساء المؤمنين...؟».
ان التأسي بالزهراء(ع) في عصرنا هذا، المفعم باعداء الاسلام والسائرين على خط «الوسواس الخناس» والتحجر، وظهور مجاميع تكفّر الأخر وتُفتي بقطع الرقاب واراقة الدماء واباحة الحرمات..ان ذلك، خاصة بالنسبة للبنات والنساء المسلمات، ضرورة لابد منها، كدرع واقٍ، وظل وارف، يقيهنّ دسائس ومكائد كل شيطان رجيم.. وقد تطرق الى ذلك سماحة الامام(قدس سره) متحدثاً عن مكانة الزهراء (ع) الرفيعة، قائلاً:
غداً يوم ولادة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، ويوم المرأة. إن جميع الأبعاد المتصورة للمرأة والمتصورة للإنسان قد تجلت في فاطمة الزهراء سلام الله عليها. إنها لم تكن امرأة عادية. بل كانت امرأة روحانية، امرأة ملكوتية، إنساناً بتمام معنى الإنسان، بكل الأبعاد الإنسانية، حقيقة المرأة الكاملة .. حقيقة الإنسان الكامل. إنها ليست امرأة عادية، بل موجود ملكوتي قد ظهر في العالم بصورة إنسان، موجود إلهي جبروتي ظهر بصورة امرأة .. غداً يوم المرأة. إن كل الحقائق الكمالية المتصورة للانسان والمتصورة للمرأة- جميعها- تتجلى في هذه المرأة. وغداً تولد مثل هذه المرأة. امرأة فيها جميع خصوصيات الأنبياء. امرأة لو كانت رجلًا لكان نبياً، امرأة لو كانت رجلًا لكان مكان رسول الله. إذاً، غداً يوم المرأة. إن مصداقية المرأة الكاملة توجد غداً، المعنويات، التجليات الملكوتية، التجليات الإلهية، التجليات الجبروتية، التجليات الملكية والناسوتية. جميعها مجتمعة في هذا الموجود .. إنها إنسان بتمام معنى الانسان .. إنها امرأة بتمام معنى المرأة .. إن للمرأة أبعاداً مختلفة، كما أن للرجل أبعاداً مختلفة، وكذلك الانسان .. إن هذه الصورة الطبيعية هي أدنى مراتب الإنسان وأدنى مراتب المرأة وأدنى مراتب الرجل، ولكن من هذه المرتبة المتدنية تكون الحركة نحو الكمال. الانسان موجود متحرك من مرتبة الطبيعة إلى مرتبة الغيب، وحتى إلى الفناء في الألوهية. إن هذه المسائل وهذه المعاني حاصلة للصديقة الطاهرة، فقد بدأت من مرتبة الطبيعة، تحركت حركة معنوية وطوت هذه المراحل بقدرة إلهية، بيد غيبية، بتربية رسول الله (ص)، إلى أن وصلت إلى مرتبة يقصر عنها الجميع. إذاً غداً سوف يتحقق التجلي التام للمرأة، وتوجد المرأة بتمام معناها. غداً يوم المرأة. (صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج7، ص: 250)