التاريخ 3 ذي الحجة 1399 هـ. ق. / 3 آبان 1358 هـ. ش.
المكان: قم
الموضوع: تحطم الأصنام وهزيمة القوى الشيطانية المعاصرة
المناسبة: يوم عرفة
المخاطبون: المسلمون في العالم وحجاج بيت الله الحرام
بسم الله الرحمن الرحيم
{لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}
3 آبان ماه 1358 هـ. ش
3 ذي الحجة الحرام 99 هـ. ق
صلوات الله وسلامه على رسول الله النبي العظيم الذي قام وحيداً في وجه المستكبرين وعبدة الأصنام ورفع راية التوحيد ليلتف حولها المستضعفون ولم يخش قلة العدة والعدد وأوصل نداء التوحيد لأسماع العالمين في شتى أرجاء المعمورة في أقل من نصف قرن، على قلة العدة والعدد، وبقوة الإيمان وحدها والعزيمة الصادقة استطاع أن يهزم الظلمة والمعاندين.
وسلام العالمين عليكم ـ أيها الزائرون لبيت الله الحرام ـ ورحمة الله وبركاته. لقد أسرعتم من كل حدب وصوب ملبين الدعوة نحو بيت الله، مركز التوحيد ومهبط الوحي ومقام إبراهيم ومحمد، الرجلين العظيمين محطمي الأصنام ومقارعي المستكبرين، وأوصلتم أنفسكم إلى تلك المرافق الكريمة، التي كانت في عصر الوحي أراض جبلية قاحلة عديمة الماء والزرع، ولكنها محل هبوط ملائكة الله وهجوم جنود الله ووقوف أنبياء الله وعباد الله الصالحين. اعرفوا قدر هذه المشاعر العظيمة، وجهزوا أنفسكم من مركز تحطيم الأصنام لتحطيم الأصنام الكبيرة التي ظهرت في صورة قوى شيطانية وآكلي لحوم البشر ولا تخشوا تلك القوى المادية.
وفي هذه المواقف العظيمة، وبالاتكال على الله الكبير المتعال، اعقدوا عهد اتحاد واتفاق ضد جنود الشرك والشيطنة، واحذروا الفرقة والتنازع {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}. فالإيمان والإسلام اللذان هما سرّ القدرة والنصر، ولا يزيلهما إلا التنازع والشقاق واللهاث وراء الأهواء النفسية ومخالفة الأوامر الإلهية. وإن الاجتماع على الحق وتوحيد الكلمة وكلمة التوحيد، التي هي ينبوع عظمة الأمة الإسلامية، هي السبيل إلى النصر.
يا مسلمي العالم! ما الذي دهاكم؟! وقد هزمتم في صدر الإسلام، رغم قلّة العتاد والعدد، أعتى القوى، وشكلتم أمة إسلامية- إنسانية عظيمة والآن تناهزون المليار نسمة ومع كل هذه الثروات الهائلة تعيشون الضعف والذلة؟! هل تعلمون أن شقاءكم وما تعانون من ضعف، ناشيء من التفرقة والاختلاف بين رؤساء حكوماتكم وبالتالي بينكم؟ إنهضوا، وبالقرآن الكريم تمسّكوا، وبأمر الله اعملوا حتى يعود لكم مجد الإسلام العظيم. تعالوا وأصغوا لموعظة واحدة من القرآن الكريم. حيث يقول الله عز وجل {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} قوموا جميعاً لله، قوموا بشكل فردى إزاء جنود شيطان باطنكم، وبشكل جماعي إزاء القوى الشيطانية، فإن كان قيامكم إلهياً ومن أجل الله سيتحقق النصر.
يا مسلمي العالم ويا مستضعفي الأرض! كونوا يداً واحدة وتوجهوا لله، والتجأوا للإسلام، وانهضوا في وجه المستكبرين والمعتدين على حقوق الشعوب.
يا زائري بيت الله! وحّدوا المواقف والمشاعر، واسألوا الله تعالى نصرة الإسلام والمسلمين ومستضعفي العالم.
أيها الخطباء، أيها الكتاب! اغتنموا فرصة هذه الاجتماعات العظيمة في كل من عرفات والمشعر ومنى ومكة المكرمة والمدينة المنورة، واطرحوا على إخوانكم في الإيمان قضاياكم الاجتماعية والسياسية واطلبوا منهم النصرة.
يا زائري بيت الله! اسمعوا العالم أجمع ما يحيكه اليمين واليسار من مؤامرات وخصوصاً أمريكا الناهبة والباغية وإسرائيل المجرمة. ووضّحوا جرائم هؤلاء المجرمين والتجأوا إلى الله المتعال في إصلاح حال المسلمين وقطع أيادي المجرمين. أبشركم بالنصر والغلبة بإذن الله القادر (إنه على ذلك لقادر).
والسلام على رسول الله وعلى أئمة المسلمين وعلى عباد الله الصالحين ورحمة الله وبركاته.
روح الله الموسوي الخميني
صحيفة الإمام: ج10، ص247.