وفي خطابه السنوي بمناسبة بداية السنة الايرانية الجديدة، في مرقد الامام الرضا عليه السلام بمدينة مشهد المقدسة، قال قائد الثورة الاسلامية، آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي: اعتقد ان عام 1398 الهجري الشمسي، سيكون عام الفرص والامكانات والحلول وليس التهديدات، وبالطبع الذين لديهم تصريحات اخرى، ويرفعون شماعة التهديد بوجه هذا وذاك، فإنهم واقعون تحت تأثير تخرصات أعداء الشعب بعلم او عن غير علم.
وأضاف: ان اعداء هذا الشعب وفضلا عما يقومون به في الوقاع، فهم يثيرون الحرب النفسية والتصريحات والتخرصات. ولقد كان لدى الاعداء هكذا تخرصات في السنة الماضية، وكانوا يحاولون ان يثيروا الخوف والهلع لدى الشعب الايراني.
وتابع: ان أحد أكبر الحمقى الاميركان كان قد قال في العالم الماضي، بأننا اذا انسحبنا من الاتفاق النووي، فسيحصل تمرد في شوارع ايران، ولن يتمكن الشعب الايراني حتى من الحصول على لقمة الخبز، وبالطبع صرح احمق آخر من كبار الحمقى، انه سيحتفل بعيد الكريسمس لعام 2019 في طهران.
وفي جانب آخر من خطابه السنوي، أشار قائد الثورة الاسلامية، الى محاولات الاعداء لممارسة الضغوط على الشعب الايراني، وقال: ان الحظر يمكنه ان يكون تجربة لنا، وايضا يوفر لنا الفرصة لنرى نواقصنا وضعفنا، وبالطبع هذا الامر يمكنه ان يكون فرصة لإدارة البلاد في السنوات القادمة.
واضاف: ان الحظر يمكنه ان يكون فرصة، لان التجربة أثبتت ان الدول التي تتمتع بموارد طبيعية كالنفط، كلما انخفضت عائداتها من هذه الموارد، تفكر بتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية، ويكون لديها الدافع لتنقذ نفسها من هذه التبعية.
ولفت الى ان هناك دراسات بدأت على الاصعدة الحكومية ومراكز البحث والمراكز الجامعية، لنبحث ادارة البلاد بالعائدات غير النفطية، لأن العائدات النفطية عندما كانت متوفرة بشكل كاف للحكومة والآخرين، لم يكن المسؤولون يفكرون بالاصلاحات الاقتصادية.
* سنستمر في تعزيز بنيتنا الدفاعية
وأشار الى ان القوى الشرقية والغربية وضعت خلال سنوات الدفاع المقدس (الحرب التي فرضها نظام صدام بدعم غربي أميركي على ايران من 1980 الى 1988)، أفضل الامكانات الحربية تحت تصرف صدام، ولكن كانت يد الجمهورية الاسلامية مقيدة، حتى انهم لم يكونوا يبيعونها الاسلاك الشائكة. وقد أدى تحمل الصعوبات في فترة الحرب الى أن يقوم المفكرون والباحثون بتغيير التبعية العسكرية الى الاجنبي، والآن فإن وضع الجمهورية الاسلامية الايرانية هي أفضل وأعلى من جميع دول المنطقة من حيث الامكانات العسكرية والدفاعية، مصرحا: رغم أنف الأعداء سنواصل تعزيز بنيتنا الدفاعية ولن نخضع لضغوط الآخرين.
وقال: ان الجمهورية الاسلامية الايرانية، لديها قبضة وساعد قوي، ويجب ان نصل الى هذه النقطة في القضايا الاقتصادية.. وهذه الفرصة توفرت في ظل تهديد الاعداء للجمهورية الاسلامية الايرانية.
* علينا ان نقطع الامل عن مساعدة الغربيين
وأكمل: من اجل ان نصنع نحن بأنفسنا قوة الردع الاقتصادية هذه، فعلينا ان نقطع الامل عن مساعدة الغربيين، مضيفا: يمكننا ان نتوقع من الغربيين المؤامرة والخيانة والطعن من الظهر، ولكن لا يمكننا ان نتوقع المساعدة والنزاهة منهم.
وتطرق سماحته الى الغربيين كانوا يساعدون النظام البائد، ولكن هذه المساعدات لم تكن لأجل هذا النظام، بل من اجلهم هم ولمزيد من الهيمنة وتسويق المعدات العسكرية ومساعدة 60 ألف من المستشارين الاميركان.
* الاوروبيون طعنوا ايران في الظهر عدة مرات
ومضى سماحته قائلا: ان ظاهرة الاستعمار تضغط منذ 3 قرون على مئات الملايين من السكان، فالاوروبيين قاموا بامتصاص دماء الدول المستعمَرة في آسيا وأميركا واميركا اللاتينية، وافرغوا مواردها وحالوا دون تطورها العلمي والتقني.. كما ان الاوروبيين وجهوا ضربات الى ايران منذ اواسط العهد القاجاري، فهم طعنوا ايران من الظهر خلال الحروب بين ايران وروسيا.. وفي قضية الاتفاق النووي، لم يؤد الاوروبيون واجباتهم، ورغم انسحاب اميركا من الاتفاق النووي، كان عليهم ان ينفذوا واجباتهم بشأن الاتفاق النووي، ولكن الاوروبيين وبشتى الذرائع لم يؤدوا التزاماتهم، وكانوا يؤكدون دوما لإيران بأن عليها ان لا تنسحب من الاتفاق النووي، ولكن ما قاموا به مشابه للانسحاب من الاتفاق، واصفا القناة المالية الاوروبية بأن أشبه بدعابة مريرة.
وحذر سماحة قائد الثورة من مغبة تزويق الغرب في الصحف ووسائل الاعلام المحلية، معتبرا انه قد يبدوا الساسة الغربيون يرتدون البزات الانيقة وتفوح منهم ارقى العطور ويرتدون ربطات العنق ويحملون الحقائب الدبلوماسية، ولكن باطنهم وحشي بالمعنى الحقيقي للكلمة.
واستدرك سماحته قائلا: ان هذا الكلام لا يعني قطع العلاقات مع الدول الاوروبية، لأنني وفي مختلف الفترات والحكومات المتتالية، شجعت على تنمية العلاقات معهم، ولكن ليس بمعنى التبعية، مع انه لا يمكن الوثويق بالغربييين في ذات الوقت.
وأكد ان جانبا من مشكلات البلاد ناجم عن الثقة بالغربيين في مختلف المحادثات، كما انه لا ينبغي ان نغير مسارنا وننخدع بابتسامة الغربيين وخدعهم.. واليوم فإن المسؤولين الحكوميين توصلوا الى هذه النتجية بأنه لا يمكن السير على الطريق الصحيح مع الغربيين.
وبيّن سماحته: ان التحجر والتعصب الاعمى يمنعنا من رؤية الامور الايجابية في الغرب وتطوره العلمي والتقني، فليس من الصحيح التحجر والتعصب الاعمى في مواجهة الغرب، وفي ذات الوقت فإن الانبهار بالغرب ايضا يعد خطرا كبيرا.
وتطرق سماحة آية الله الخامنئي الى الحادث الارهابي الاخير في نيوزيلندا ومجزرة المسلمين في مسجدين، متسائلا: أليس هذا ارهابا حسب تسمياتهم؟ فالاوروبيون لا ساستهم ولا اعلامييهم لم يكونوا مستعدين لتسمية هذا الحادث بالارهابي، فقالوا حركة مسلحة! فأينما حصلت حركة ما ضد شخص مرغوب من قبل الغرب، سمي ذلك ارهابا وانتهاكا لحقوق الانسان، ولكن هنا لا يقولون بوضوح ان هذه حركة ارهابية.
* النظام السعودي هو الأسوأ في المنطقة ولكن الغربيين يبنون له مفاعل نووي
وتابع سماحته: لا اجد دولة في هذه المنطقة ولعله في كل انحاء العالم، أسوأ من النظام السعودي، انه نظام مستبد وديكتاتور وفاسد وظالم وعميل كذلك. في حين ان الغربيين يوفرون لهذا النظام الامكانات النووية. ويبنون له محطة نووية. ويعلنون انهم ينشئون مراكز لصناعة الصواريخ. فهنا هذا لا اشكال فيه، لأن هذا النظام تابع لهم! في حين انهم حتى اذا قاموا بذلك فلن نستاء من ذلك، لأنني اعلم انها ستقع بيد المجاهدين الاسلامي ان شاء الله في المستقبل غير البعيد.
وفي جانب آخر من خطابه السنوي، قال قائد الثورة: نحن نحتاج إلى أن يكون سعينا وخطواتنا معتمدة على العلم والجهاد وأن تكون الإدارة إدارة جهادية.. يجب أن نعمل بإخلاص ولله والشعب لا للنفس وأن يكون المدراء أصحاب خبرة وعلم ليستفيد البلد منهم.
ولفت آية الله الخامنئي الى ان إحدى المشكلات لدينا تتمثل في مشكلة نظام البنوك، وأن لدينا مشروعا لإصلاح هذا الأمر، منوها الى اننا سنجد الحلول لمشكلة قيمة العملة الوطنية وسيزداد الإنتاج على كل المستويات الصناعية والزراعية.
ودعا سماحة القائد الى ضرورة دعم الذين يصنعون الثروة للبلاد، وضرورة تحسين اجواء العمل، بشرط الحيلولة دون عمليات الاستغلال.. لذلك على الاجهزة الرقابية والسلطتين التنفيذية والقضائية ان تتحلى باليقظة في هذا المجال.
* يجب ان يزدهر الانتاج المحلي
وفي شرحه لشعار هذا العام، وهو "ازدهار الانتاج"، بيّن قائد الثورة ان المقصود من الانتاج ليس فقط الانتاج الصناعي، بل ان الانتاج الزراعي والحيواني والصناعات الكبرى والصناعات المتوسطة والصغيرة والصناعات اليدوية والصناعات المنزلية وتربية المواشي في المنازل القروية تساهم في تطوير الرفاهية العامة في البالد، وعلى المسؤولين ان يقوموا بالتخطيط في هذا المجال، مؤكدا اهمية الصناعات المعرفية في حل المشكلات الاقتصادية، وداعيا الى منع الاستيراد المنفلت.
وفي خطابه الى عامة الشعب وخاصة شريحة الشباب، اعرب قائد الثورة عن ارتياحه للاهتمام البالغ ببيان الخطوة الثانية للثورة، داعيا المسؤولين الى بذل مزيد من الاهتمام بهذا الامر.
* على الشباب ان يتحملوا المسؤولية ويضاعفوا جهودهم في شتى الميادين
وأهاب سماحته بالشباب بأن يتحملوا المسؤوليات صغيرها وكبيرها، إذ يجب ان تكون مسؤولية الثورة في خطوتها الثانية على عاتق الشباب. ويجب ان تنصب الجهود اليوم على صيانة استقلال البلاد وعزتها، كما انه ينبغي ان تستفيد الاجيال القادمة من انجازات اليوم.
وتابع: يجب ان نتعرف على الاضرار ونقاط الفساد وسبل تغلغل العدو، وان نعمل على سدها والتصدي لها.. ولقد توصل الغرب بزعامة اميركا الى هذه النتيجة بأن الشعب الايراني اذا اراد شيئا فمن المؤكد سيحققه، ولذلك استنتجوا انهم لا يمكنهم ان يحاربوا الارادة الوطنية لهذا الشعب، فالايرانيون اذا ارادوا امرا فلن يمكن لأي احد عرقلتهم، لافتا الى ان الغربيين بصدد إضعاف ارادة الشعب الايراني، ولذلك ينفقون مليارات الدولارات لزعزعة اعتقادات الشعب، واضعاف ارادته، ليمنعوا تشكيل المجتمع الاسلامي.
وشدد ان على الاعداء اليوم ان يفتحوا أعينهم العمياء، ليشاهدوا بأن اكثر الصناعات الايرانية الكبرى المتطورة اخذت تتنافس مع الصناعات الغربية، وهذه الصناعات يديرها الشباب المتدين المؤمن.
وفي الختام، دعا سماحة قائد الثورة الشباب الى مضاعفة جهودهم في ميادين الفكر والمعرفة والعمل والسياسة، و ان يتجنوا القضايا الهامشية، وأن يركزوا على الوحدة وان يتابعوا مسيرتهم المؤمنة، كما ان عليهم ان يميزوا حدودهم عن العدو ويعملوا على تعميقها، وان يزيلوا الحدود والحواجز مع القوى الداخلية والمؤيدة.
وطالب سماحته من الحكومة والبرلمان بمد يد العون الى الشباب، معربا عن ثقته بأن البلاد ينتظرها غد أفضل بكثير من اليوم.