واستهلّ الإمام الخامنئي كلمته بمباركة عيد المبعث والعام الهجري الشمسي الجديد، ثمّ أشار سماحته إلى أنّه كان في كلّ عام يُلقي خطابه بين جموع الناس في حرم الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام)، وعلّق قائلاً: نحن محرومون هذا العام من الالتقاء بالناس والحضور في حرم الإمام الرضا (عليه السلام) لكنّ قلوبنا لا تزال -كما هو الحال دائماً- مستأنسة بذكر الإمام الرؤوف.
ثمّ لفت قائد الثورة الإسلامية إلى أهميّة المبعث النبوي الشّريف قائلاً: يصرّح الله عزّوجل في القرآن الكريم بأنّه قد أخذ ميثاقاً من جميع الأنبياء العظام بأن يؤمنوا بالرسول الأكرم بعد بعثته وأن يوصوا أممهم بالإيمان برسول الإسلام (ص).
كما اعتبر الإمام الخامنئي أنّ منظومة الإسلام القيميّة التي تضمّ الأخلاق الفرديّة والاجتماعيّة والمفاهيم التي تبني الحياة كالحريّة، العدالة الاجتماعيّة ونمط العيش تشكذل جزءاً مهمّاً من حقائق بعثة رسول الإسلام العظيم (ص).
ثمّ أضاف سماحته في هذا الشأن قائلاً: يظنّ البعض أن منشأ مفاهيم من قبيل الحريّة والعدالة الاجتماعيّة هو الغرب، لكنّ الغرب تعرّف على هذه المفاهيم منذ ثلاث قرون فقط بينما أهداها الإسلام للبشريّة منذ ١٤٠٠ عام وقد حقّقها في مرحلة صدر الإسلام وأينما استطاع ذلك خلافاً لسلوك الغربيّين الذي لا ينمّ عن الصّدق.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية أنّ تأسيس الحكومة الإسلامية ضروري ويمهّد لتحقق حقائق البعثة، ثمّ أردف سماحته قائلاً: إذا لم يتمّ تشكيل قوّة سياسيّة، فسوف لن يسمح المستكبرون، ومعارضو الحريّة والعدالة وسائر أعداء البشر، وأيضاً بعض الصفات كالخمول بأن تتحقّق المفاهيم والقيم والأحكام وبأن يسير الإنسان على نهج الخلاص والتقدّم، وهذا السبب الذي دفع الرّسول الأكرم إلى تأسيس حكومة في أوّل فرصة سنحت له ومن خلال الهجرة إلى المدينة.
ثمّ شدّد الإمام الخامنئي قائلاً: لقد عمل الإمام الخميني بدقّة وبفهم عميق جدّاً لحقائق الإسلام بوصفة البعثة وثار ضدّ النظام البهلوي الفاسد والظالم والتابع بالاستعانة بإيمانه العميق وتوكّله الأصولي واعتماده على الشعب الإيراني المؤمن وأسس النظام الإسلامي لكي يجعل الشعب الإيراني يسير على خطى الفوز والفلاح وفق معارف، وقيم وأحكام البعثة.
ثمّ واصل قائد الثورة الإسلامية كلمته بالإشارة إلى تأكيد الله عزّوجل في القرآن الكريم على قضيّة المعاداة الشاملة للرّسل الإلهيّين ولرسول الإسلام (ص)، لافتاً إلى أنّ العداء الشامل للنظام الإسلامي ليس مستغرباً وتابع سماحته قائلاً: أمريكا أخبث وأعند عدوّ بين أعداء الجمهورية الإسلامية لأنّ مسؤوليها يتّصفون بأنواع الصفات الأخلاقيّة الرذيلة والخبيثة كالكذب، والغدر، والجشع، والوقاحة، والدجل كما أنّهم ظالمون، وإرهابيّون وقساة القلوب إلى درجة كبيرة جدّاً.
ثمّ أكّد الإمام الخامنئي قائلاً: زوّد الله الرسول الأكرم (ص) منذ انطلاقة بعثته بوصفة لمواجهة هذه العداوات هي عبارة عن "الصّبر" أي "الثبات والصّمود"، و"المقاومة" و"عدم تغيير الحسابات الدقيقة نتيجة الوقوع في أساليب العدوّ الخداعيّة"، و"السير نحو الأهداف السامية بمعنويات عالية" و"مواصلة المسار".
وشدّد قائد الثورة الإسلامية على أنّ "الصّبر والثبات" عندما يترافق مع "العقل، والحكمة والمشورة" يأتي بالنصر الحاسم، وأضاف سماحته قائلاً: أقولها بحزم تامّ أنّ الشعب الإيراني شعبٌ صبور وشعبٌ أثبت على مدى هذه الأعوام الأربعين صبره وثباته، ولو أنّ المسؤولين في بعض الأوقات لم يتعاطوا بصبر أو لم يعرب بعض المتظاهرين بالأفكار النيّرة عن صبرهم وبلغوا حدود التعاون مع العدوّ أيضاً.
ثمّ ختم الإمام الخامنئي هذا الشّق من كلامه قائلاً: الصّبر يعني عدم الاستسلام، وعدم الإصابة بالوهن والشكّ، والتصدّي للعدوّ بشجاعة وحكمة وإلحاق الهزيمة به.
ولفت قائد الثورة الإسلامية إلى تأكيداته الأخيرة فيما يخصّ ضرورة رفع مستوى قوّة البلاد، معتبراً أنّ ذلك يتخطّى المجالات الدفاعيّة والعسكريّة ثمّ أردف سماحته قائلاً: رفع مستوى القوّة يشمل الجوانب الاقتصاديّة، العلميّة، الثقافيّة، السياسيّة والإعلاميّة أيضاً.
كما تحدّث الإمام الخامنئي عن موضوع فايروس كورونا المتفشّي والدولي قائلاً: هذا الفايروس الذي شغل تقريبا كلّ بلدان العالم -حيث أنّ بعض الدول تصرّح بالحقائق حول هذا المرض وتعلن عن الإصابات وبعضها الآخر يمارس سياسة الإخفاء- مصداقٌ للآية القرآنية الشريفة {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين } أي الخوف والفزع والمشاكل الاقتصادية وسلب الأرواح لكنّ الله يوصي بالصّبر على هذا البلاء أيضاً.
ثمّ تابع سماحته قائلاً: الصّبر هنا يعني إنجاز الأعمال بالشكل الصحيح والعقلاني ويعني التقيّد بالإجراءات المتخذة من قبل المسؤولين المعنيّين من أجل الحفاظ على أرواحنا وأرواح سائر الناس في البلاد والسيطرة على هذا المرض الخطير.
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى تصريحات المسؤولين الأمريكيّين بشأن جهوزيّتهم لإرسال المساعدات الدوائيّة والعلاجيّة في حال طلبت إيران ذلك، وتابع سماحته قائلاً: تصريحات الأمريكيّين مستغربة جدّاً لأنّهم أوّلاً يعانون أنفسهم من نقص شديد في الدواء والمستلزمات الطبيّة من أجل اجتناب تفشّي هذا المرض وقد صرّح بعض مسؤوليهم عن معاناتهم من النّقص المرعب، لذلك فليهتمّوا بشعبهم إن كانت لديهم الإمكانات.
ثمّ أضاف سماحته قائلاً: ثانياً عندما يُوجّه إصبع الاتّهام إلى الأمريكيّين بإنتاج هذا الفايروس، أيّ إنسانٍ عاقل سوف يقبل مساعدة من هذا البلد؟
كما قال الإمام الخامنئي: لا يُمكن الوثوق بالأمريكيّين أبداً لأنّهم قد يرسلوا أدوية تزيد من نسبة تفشّي الفايروس في إيران وتساعد على استمراريّته أو قد يوفدوا أشخاصاً بصفتهم معالجين لكي يلحظوا مدى تأثير هذا الفايروس ويستكملوا معلوماتهم لكي يُصعّدوا من خطواتهم العدائية، لذلك لا ثقة بتصريحات الأمريكيّين.
وأوصى سماحته جميع الناس بالتعامل بجديّة مع توصيات مسؤولي الهيئة الوطنية لمكافحة فايروس كورونا وأردف قائلاً: بناء على هذه التعليمات والتوجيهات تمّ إيقاف التجمّعات الدينيّة أيضاً وإغلاق أبواب المراقد المقدّسة؛ وهذا أمرٌ غير مسبوق في تاريخنا لكن لم يكن هناك من مهرب واقتضت المصلحة هذا الأمر.
ثمّ أعرب قائد الثورة الإسلامية عن أمله بأن يرفع الله عزّوجل هذا البلاء عن الشعب الإيراني والشعوب المسلمة والبشريّة جمعاء في أقرب فرصة.