قام الامام (قدس سره) ومنذ عام 1342 ه. ش. (1963م )، بتوجيه انتقاد شديد الى المنظمات، التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان، وذلك بسبب سكوتها، عما كان يرتكبه نظام الشاه في فترة حوادث المدرسة الفيضية في قم وغيرها، حيث كانت رؤيته سماحته حول تلك المنظمات، بانها لم تقف قط الى جانب الشعوب المستضعفة، بل كانت دائما، ادوات بايدي القوى الاستكبارية، والدليل على ذلك نظام الشاه البائد. فقد كانت الاجهزة الامنية فيه، تقوم بتعذيب الشباب الاحرار، على سمع وبصر تلك المنظمات، التي لاذت بالصمت، لما كان يتمتع به الشاه من نفوذ في العالم الغربي، ولم تقو على فضح اعماله وجرائمه! وكانت الامم المتحدة والقوى الخمس العظمى، ايضا، من بين ما اعترض عليه سماحته، حتى في النجف الاشرف خلال النفي. فنظرته سماحته، لما تسير عليه المنظمات الدولية، بشكل عام، نظرة سلبية، وهو ما ظهر طوال حياته. واليوم وبتسليط الضوء على سلوكيات المنظمات المذكورة، خاصة فيما يتعلق بحرب اليمن الظالمة، التي طوت عامها السابع، والتي فرضها نظام ال سعود على الشعب اليمني، والصمت الذي يلف دعاة حقوق الانسان حولها، وما يدور، كذلك، في حرب روسيا واوكرانيا، التي جعل منها الغرب، اداة للضغط على روسيا، بعد ان غرر بها للالتصاق به! وما توجهه الدوائر الغربية من انتقادات، وتبثه من اشاعات، حول ما يسمى ب (جرائم حرب) وانتهاك حقوق الانسان، من قبل روسيا! ... متناسية كل ذلك في العراق وسوريا واليمن، وملتزمة الصمت المطلق بالنسبة للانسان وحقوقه! وهي اول المدافعين عن ذلك، حينما تتعرض مصالحها للخطر! يتضح لنا وبصورة لا لبس فيها، ما نراه الان في حرب روسيا واوكرانيا! فقد اصطف الغرب على اختلاف انظمته ومشاربه، حتى اقطاره التي تدعي الحياد، ضد روسيا وانتهاكاتها لحقوق الانسان كما يزعمون! فالذي بعث على ان يكون الامام (قدس سره) من منتقدي منظمات حقوق الانسان، بشدة، هو موقفها المزدوج وتعاملها مع الشعوب المختلفة، على اساس المنافع الغربية، وهذا ما شاهدناه في قضية احتلال وكر الجاسوسية الامريكية في طهران، بعيد انتصار الثورة الاسلامية، فحتى الوفود التي توجهت الى طهران، كوسطاء محايدين، انصبت مساعيها في الدفاع عن الغرب ومصالحه !. لقد كانت رؤية الامام (قدس سره) رؤية شاملة، عابرة للحدود، في الدفاع عن المستضعفين اينما كانوا. لم تكن للمنظمات المذكورة، سلوكيات مناسبة فيما يتعلق باليمن، وما ارتكبته امريكا من جنايات في العراق وليبيا وسوريا، التي اشعلت فيها حربا شعواء لمدة احد عشر عاما، وما قامت به المجموعات الارهابية من اعمال، وما تجري من احداث ضد الشعب الفلسطيني، من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، حيث لم نشاهد الموقف المطلوب، ممن يدعون الدفاع عن حقوق الانسان! وما يجري اليوم على الساحة، في الشرق الاوسط، قد يؤدي الى نتائج سارة، ومن بين ذلك وقف اطلاق النار بين السعودية واليمن. اما في باكستان فالحالة تختلف، بعد الازمة التي دخلت فيها، وما يحدث في افغانستان، لا يشير الى وضع مرغوب فيه ومناسب، الا ان المرجو قد يبعث على المسار الصحيح. وبالمقارنة بين مواقف الامام (قدس سره) والدوائر الغربية، يتضح لنا، انه، سماحته، كان يرفض ما تقوم به، وقد قال فيما قال، ان اي انسان عاقل لا يمكنه القبول ببسط العدالة في العالم، وانحصارها على عدد من الدول، التي، متى ما ارادت، تلجا الى حق النقض (الفيتو )! لمنع ما يعرض مصالحها للخطر! فهي كما كان ينظر الامام (قدس سره) اليها، لا تهتم الا بمنافعها فقط!.
- حسن هاني زاده، باحث سياسي.
- القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره )، بتصرف .