يا تلاميذ غزة ... (القسم الثاني)

يا تلاميذ غزة ... (القسم الثاني)

كان نصيب أشبال غزة فيما تعرضت له من قنابل السفاحين، كبيرا . فمنهم لم تتفتح بعد براعمهم، ومنهم من لم ير العالم الا يوما أو بعض يوم ! ومنهم الجالسون على المصطبات في الصفوف، يصغون لمعلميهم ما يملون عليهم، من عبارات الكفاح والجهاد، ويروون لهم واقع الإسلام الأصيل، الذي اعاده طوفان الأقصى إلى الواجهة ثانية، فدوت له الحناجر في العالم اجمع، حتى في عقر الامبريالية الأمريكية البغيضة، خاصة في جامعة (كولومبيا) المحصنة ! ... فهل اصبحتم يا تلاميذ غزة معلمين، وأصبح المعلمون تلامذتكم ؟ وكل الاحرار والمضطهدين في العالم ؟ ... كيف ذلك ولا تزال أناملكم صغيرة، نحيفة يتوسطها القلم، ويكاد ينزلق منها ؟ ... ام كبرتم وتخطيتم الزمن وتحولتم إلى مردة، وتحولت الأقلام إلى بنادق ؟ ... لقد عرفناكم قبل الطوفان، حين قاتلتم الكفار الصهاينة بالحجارة ... عرفناكم وافتخرنا بكم، فانتم أطفال الحجارة الذين :

بهروا الدنيا

و ما في يدهم الا الحجارة

و اضاؤوا كالقناديل

و جاؤوا كالبشارة

قاوموا

و انفجروا

و استشهدوا

(نزار قباني، الديوان ) . ولم  تثبط عزائمكم بما يقوله جيل العربان المتصهينين، وهم المعنیون هنا :

آه يا جيل الخيانات

و يا جيل العمولات

و يا جيل النفايات

و يا جيل الدعارة

سوف يجتاحك مهما أبطأ التاريخ

أطفال الحجارة .

(نزار قباني، من قصيدته : أطفال الحجارة . المصدر السابق . ) . فها انتم تکتسحون الصهاينة بدمائكم ودماء امهاتكم الطاهرة ... وها انتم رجال كبار، عظماء، في عصر اختفت فيه الرجولة  ! ولم يبق من الإسلام الا اسمه . قال (ص) : " من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن  سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه، فليس بمسلم ." / مكتبة احاديث الشيعة، نت ./ . فأين مليارا مسلم في العالم ؟ أ ينحصر الدين القويم، بأداء الصلاة والزكاة والحج و. ... ؟ ... لماذا يعاقب المسلم بالسجن والغرامة، اذا رفع علم فلسطين أو صورة لشهداء طريق القدس، في دولة إسلامية ؟ أ هكذا هو الإسلام الذي جاء به محمد (ص) ؟ .  وعما يعانيه المسلم في بلاده من تقييد ومضايقة، فحدث ولا حرج ! وان سمحوا له بالنطق، فهو القائل :

احاول رسم بلاد

تسمى مجازا بلاد العرب

سريري بها ثابت

 ورأسي بها ثابت

لكي اعرف الفرق بين البلاد

و بين السفن

و لكنهم ... أخذوا علبة الرسم

مني،

و لم يسمحوا لي بتصوير وجه

الوطن ...

__

أنا منذ خمسين عاما،

أ راقب حال العرب

و هم يرعدون ولا يمطرون

و هم يدخلون الحروب،

 ولا يخرجون  .

(نزار قباني، من قصيدته : متى يعلنون

وفاة العرب . الديوان .)

فأي شيئ احدثكم به يا تلاميذ غزة ؟ وقد تعلمنا منكم الكثير، ولا زلنا ننتظر . لقد علمتونا الجهاد بما تحمله هذه الكلمة من معنى، بقطرات دمائكم الزكية، وابتساماتكم، رغم الألم، ووحشية الصهيوني الكافر، فأين انتم والمسلمون ؟ ... لماذا تقف إيران الثورة، وحدها، وتضحي بابنائها البواسل، كشهداء على طريق القدس، ومجموعات من المرابطين المجاهدين، هنا وهناك، ويقبع مدعو العروبة والإسلام في الدهاليز، وتقوم بعض الدول العربية والإسلامية ! بتعبيد وحراسة مسير البواخر المحملة بالغذاء والبضائع وحتى الأسلحة، لتصل سالمة إلى الأرض السليبة ؟ ... ألم يتعلموا منكم بعد، الشهامة، النخوة والشجاعة العربية، ان لم تكن قد انقرضت إلى الأبد؟! . هذا الإمام الخميني (قده) لا يزال صوته مجلجلا، على امتداد السنين، وحتى قبل انتصار الثورة الإسلامية، قائلا : " ثمة امر بات لغزا بالنسبة لي، وهو، ان الدول والشعوب الإسلامية، تدرك جيدا هذا الألم، وتعي تماما ان الأيادي الأجنبية تعمل على إيجاد التفرقة فيما بينهم، وتعلم أن في هذه التفرقة يكمن الضعف والزوال، وها انتم ترون الآن كيانا ضعيفا ومختلقا كأسرائيل، يقف في وجه المسلمين، ولو اجتمع المسلمون وصب كل واحد منهم سطل ماء عليها، لجرفتها السيول، ومع ذلك فهم اذلاء أمامها ! "

(صحيفة الإمام العربية، ج٩، ص ٢١٩ .) . ... يا معلمي الرجال، ايها العظام، لقد سقيتم أرض غزة المقدسة، التي أصبحت بكم مدرسة المرابطين والثوار ...

علمونا

بعض ما عندكم

فنحن نسينا ...

علمونا

بأن نكون رجالا

فلدينا الرجال

صاروا عجينا  ...

_

يا تلاميذ غزة

لا تبالوا

باذاعاتنا

و لا تسمعونا

_

يا أحباءنا الصغار

سلاما

جعل الله يومكم ياسمينا

__

هذه ثورة الدفاتر

و الحبر

فكونوا على الشفاه لحونا

امطرونا بطولة وشموخا

و اغسلونا

من قبحنا اغسلونا .

(نزار قباني، من قصيدته : يا تلاميذ غزة . الديوان).

__

د . سيد حمود خواسته . القسم العربي، الشؤون الدولية .

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء