في 8 تشرين الاول 1962 م صادقت وزارة اسد الله علم على تعديل لائحة مجالس الاقاليم والمدن، وتغيير بعض مضامينها كاشتراط اسلامية المرشحين، والقسم بالقرآن الكريم، واشتراط الذكورة في المرشحين والناخبين. لقد كانت المصادقة على اشتراك النساء في الانتخابات تخفي وراءها اهدافاً اخرى. كما أن حذف وتغيير شرطي الذكورة والاسلام كان يراد منه ـ علي وجه الدقة ـ ادخال العناصر البهائية في المراكز الحساسة من هيكل النظام الحاكم.
وكما اشرنا سابقاً، ان دعم الملك للكيان الصهيوني وتوسيع العلاقات الايرانية الاسرائيلية كانت شروطاً أميركية في مقابل توفير الدعم للملك، ولتحقيق هذه الشروط كان لابد من زيادة نفوذ اتباع المسلك الاستعماري البهائي في السلطات الايرانية الثلاث.
وبمحض انتشار خبر المصادقة على اللائحة المذكورة،بادر الإمام الخميني ومجموعة من العلماء الاعلام في قم
وطهران ـ وبعد التشاور ـ الي اعلان معارضتهم العامة والشامله لها.
وهكذا كانت حادثة لائحة مجالس الإقاليم والمدن تجربة ناجحة وهامة للشعب الايراني، خاصة وقد تعرف من خلالها على شخصية تؤهلها سجاياها لقيادة الامة الاسلامية.
وقد عارض الامام الخميني (قدس سره)المصادقة على هذه اللائحة ومحاولة تطبيقها نظراً لاطلاعه على الاهداف التالية لنظام الشاه ، يقول سماحته قبل الغاء هذه اللائحة في ضرورة الغاءه:
«...ان واجبنا الديني يدعونا جميعاً للاعتراض والمطالبة بعدم تطبيق قانون مشاركة النساء في الانتخابات ، فلو ط- بّق هذا القانون، لتترتب عليه أمور أخرى .. ومطالبة الغالبية الشعبية تعد شرطاً، والغالبية من أبناء هذا البلد متألمة من هذا الأمر .. تريثوا قليلًا ولا تعلنوا الاضراب العام في الوقت الحاضر- لا قدّر الله أن يأتي اليوم الذي يعلن فيه الاضراب العام- وما زلت أدعو لأن تتم الحيلولة دون ذلك بصورة سلمية. لا قدّر الله أن يأتي ذلك اليوم الذي يدعو فيه العلماء الى الاضراب!. ماذا يريد اسد الله علم - رئيس الوزراء يومئذ- إذا أنه كان يصرّ على اقرار وتنفيذ لائحة انتخابات مجالس الاقاليم والمدن- أن يفعل بهذا البلد؟ إن مثل هذا العمل عرضه للمساءلة وتترتب عليه محاكمات فيما بعدُ. وحسبما علمت، أنهم كانوا قد طلبوا ذلك من اميني -علي اميني كان رئيساً للوزراء قبل اسد الله عَلَم- إلّا أنه رفض وانسحب. وسيأتي اليوم الذي سيحاسب فيه ارسنجاني -حسن ارسنجاني وزير الزراعة- الذي كان المنفذ لمشروع اصلاح الاراضي. ايضاً، حتى لو وقف العالم كله الى جانبه، فسأقف وحدي وأقول: يحب أن لا يطبق .. ليس الرفض واجبي وحدي، بل واجب الشاه وكافة أبناء هذا البلد، إذ على الجميع أن يرفع عقيرته بأن هذا العمل غير صحيح. (ثم يوجّه سماحته خطابه الى حجة الاسلام الانصاري الواعظ القمي الشهير:) سمعت أنهم عقدوا لسانك - السيد الانصاري احد الوعاظ الذي منعته السافاك ومديرية شرطة قم من ارتقاء المنبر يومئذ- منذ ليلتين، ماذا سيحدث لوقيّدوا ايدينا والقوا بنا في زاوية من السجن؟ هل نحن افضل من الحسين بن علي والامام السجاد؟ إن هذه الاحداث تستحوذ على الاهتمام في مختلف انحاء البلاد، وقد كتب الناس غضبهم وامتعاضهم من هذا الأمر، سواء للشاه او الحكومة».
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج1، ص: 101
علماء الاسلام لن يجلسوا ساكتين
«من الافضل لاولئك الذين يصدرون هذه البيانات أن يبلغوا السلطات الحكومية بأن لا يتلاعبوا بمشاعر الناس اكثر من هذا، فعلماء الاسلام لن يتخلوا عن واجباتهم ولا يستطيعون السكوت.
فاذا كان هؤلاء يتصورون أن بإمكانهم ابقاء الموضوع - نصت اللائحة التي صادقت عليها حكومة اسد الله علم بشأن مجالس الاقاليم والمدن، على الغاء شرط( الاسلام) من الشروط التي ينبغي توافرها في المرشحين والناخبين، وادراج القس-- م ب-( الكتاب السماوي) بدلًا من القسم ب-( القرآن المجيد)، كي يتسنى تعبيد الطريق امام نفوذ العناصر البهائية وعملاء اسرائيل- مسكوتاً عنه بمطل الوعود اليوم وغداً، فإنهم مخطئون.
ليس الامر بهذه الصورة ابداً. انها مسألة مهمة جداً. فالحديث هو بما يهدد الاسلام من خطر، وليس بوسع علماء الاسلام أن يجلسوا ساكتين عنه.
(ان هذه القضية لا تنحصر بعلماء ايران، إذ يشاطرنا في هذا الامر علماء العراق ومصر واليمن وبقية البلدان الاسلامية، واذا أردنا يوماً أن نثبت ذلك للحكومة عملياً، فسيجتمع حشد لا يستوعبه هذا المكان!
ولابد أن نجد لها مكاناً خارج المدينة، ولكننا نأمل أن تفكّر الحكومة في عاقبة الأمر، وأن لا تماطل في الرد اكثر من هذا. كما ينبغي لكم ان تصبروا ايضاً عدة أيام أُخر».
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج1، ص: 110
و بعد الغاء المصادقة على لائحة مجالس الاقاليم والمدن يقول الامام الخميني (قدس سره):
...بعد الاطلاع على اصدار الحكومة قرار تعلن فيه امكانية تنفيذ لائحة المجالس المحلية، اطمأنت بانتهاء القضية. ولكن انتابني الخوف من احتمال أن يكون قرار الحكومة مكيدة، وأنها تسعى به الى إقناع العلماء فحسب بصرف النظر عن اقامة الاجتماع الديني المهم الذي كان مقرراً له أن يقام في مسجد السيد عزيز الله. ومثل هذه الشكوك ما زالت قائمة الآن أيضاً، ذلك أن الحكومة لم تلتزم الوعود التي قطعتها للعلماء بإعلان الإلغاء من الأذاعة وفي الصحف. لقد انتابهم الرعب من اجتماع طهران فحسب. انهم يتصورون أن اقامة مثل هذا الاجتماع سيكلفنا الكثير مثلما يفعلون هم اذا ما ارادوا أن يقيموا اجتماعاً ما، حيث ينبغي لهم صرف آلاف التومانات كي يتسنى لهم جمع عدة اشخاص .. لا، ليس الأمر هكذا بالنسبة لنا.الناس تصغي للعلماء وتطيعهم. واذا ما أشار العلماء الى اجتماع عامة المسلمين خارج طهران، فسوف يستجيبون لذلك، ويعطلون أعمالهم. فالمسلمون غير مستعدين للتخلّي عن القرآن وتجاهل المخاطر التي تحيق بدين الله بسبب انشغالهم بأعمالهم ومكاسبهم.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج1، ص: 121