.. اكتسبت الثورة الاسلامية الايرانية، مخاطبين كثيرين في اغلب بقاع العالم.. حتى ان غير المسلمين ابدوا علاقة ورغبة فيما يتعلق برسالة الثورة، لذلك ، وبالنظر لما ذُكر اعلاه، فان الثورة لم تنحصر داخل الحدود الايرانية ولم تكن بصدد حل معضلة النظام السياسي في ايران فقط. تتوضح هذه الحقيقة اكثر فاكثر خلال الرسالة التي بعثها الامام الخميني (قدس سره) الى غورباتشوف، اخر سنوات حياته ودعاه فيها الى اختيار نظام سياسي، يتميز بالاخلاقيات والدين. اضافة الى ذلك، شهدنا اندلاع حرب كانت، بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية، اكثر ضراوة واتساعاً وشمولاً، بشكل لم يسبق له مثيل! اندلعت ضد ايران لتحد من تلألؤ وشدة امواج الثورة الاسلامية في المنطقة.. حرب، كان يمكن لها ان تؤدي الى انفصال و تجزئة قسم من ايران، حسب رؤية الخبراء العسكريين..
هنا، نستطيع الاشارة الى الارضية الاقليمية والعالمية للثورة الاسلامية التي تمكنت من الخروج من حرب ضروس شاملة، منتعرة. خلال نداءات الامام الخميني (قدس سره) الموجهة الى المقاتلين الايرانيين، توضحت بصورة كاملة مسألة وجوب المقاومة والصمود بوجه النظام السلطوي. لم يكن لدى سماحته الدفاع عن القومية الايرانية ووحدة اراضي البلاد، متواجداً فقط، بل، كان الموضوع الرئيسي، هو الدفاع عن الهوية والاصالة الايرانية، المركبّة من عُنصري القومية والدين. لقد اصَرَّ سماحته على، انه، في العالم المعاصر، وقد وضع نظام السلطة كل ثقله لمحو كافة الهويات والاصالات (الجذور)، التي يمكن لها ان تكون في يوم ما خالقة لحضارة.. لذا، يتوجب الوقوف بوجه ذلك..
وكانت ساحة حرب العراق على ايران، تبلور لما كان يخطر في ذهنياتهم!.. اضافة لما سلف، فان مواضع الثورة الاسلامية تدل على ذلك.
ان رسالة الامام الخميني (قدس سره) في الثورة الاسلامية عام 1357 هـ.ش (1979م) تُعتبر ابعد بكثير من تأسيس نظام سياسي يتمحور على الدين. بنظام ولاية الفقيه. فمراجعة ملف الثورة الاسلامية في ايران، في عصرنا الراهن وعقب ما يظهر على الساحة الدولية من احداث.. تبدو اكثر ضرورة. ان جذور كثير من التغييرات في الساحة الدولية، تعود الى نفس الاتجاه الديني الذي سبق لنا والاشارة اليه، واعتبرنا الثورة الاسلامية، تبلور صادق له. في الوقت الراهن، ان رسالة الحركات الاسلامية سواء المعتدلة منها والاشد، والتي وضعت بصماتها على وجه العالم، من اندونسيا في شرق أسيا الى السنغال في غرب افريقيا.. رسالتها هي العودة الى الاصول الدينية والاعتقادية وعدم الاعتماد على الغرب الصناعي! كنتيجة، علينا ان نذكر ان الثورة الاسلامية الايرانية، انبثقت على ارضية تغيير كهذا في العالم. لعله يمكن القول بأن الامام الخميني (قدس سره)، نبراس للذين فقدوا الامل في الانظمة العلمانية التي تدور في فلك الغرب، لايجاد مجتمع مثالي . واعتبارصرخاتهم تبلور صيحة على التفرقة، الظلم والاستعمار الجديد في العالم. الاستعمار الذي يدخل البلدان باسم الحضارة والتقدم، واعداً بالرفاه، التنمية، التطور والترقي والحضارة، ويدمّر هوية، اصالة وجذور الشعوب. يرى عدد من المنظّرين الغربيين. الذين تنحصر نظرياتهم في اطار الحضارة المتجددة، يرون الثورة الاسلامية الايرانية حسب ما ذُكر آنفا. باعتقاد كاتب المقالة (هذه)، ان الرؤية المذكورة تعرض توضيحاً افضل للثورة الاسلامية.. اي، ان الثورة الاسلامية في ايران، تعتبر طليعة ونموذج كثير من الحركات الدينية والسياسية في القرن العشرين وحتى القرن الواحد و العشرين رغم ان بعض هذه الحركات ومع تأثرها بالثورة الاسلامية.. ابتعدت اميالاً كثيرة عن اهداف الامام الخميني.
- من مقالة للدكتور رضا نظر أهاري- صحيفة (همشهري الدبلوماسية- العدد 84- 8/11/1382 هـ.ش (2004 م).
- د.سيد حمود خواسته- بتصرف.
- قسم الشؤون الدولية.