لفت قائد الثورة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، إلى ان العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للاستعمار، وان القوى الشريرة تستهدف ثروات الشعوب وثقافتها وهويتها، مضيفاً سماحته" ان أمريكا اليوم هي تجسيد كامل للاستعمار والغطرسة، وهي بدورها تخضع لسيطرة القوى المالية الكبرى في العالم.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية لدى استقباله صباح الثلاثاء، الذي يوافق الذكرى السنوية للمبعث النبوي الشريف 27 رجب 1446هـ، جمعا من كبار مسؤولي البلاد، الى جانب ممثلي وسفراء الدول الاسلامية، وابناء الشعب الايراني بمختلف شرائحهم، مُعتبراً سماحته ان المبعث النبوي شكّل نهضة مستديمة وخالدة، يمكن الانتهال من براكتها في جميع الفترات والحقب التاريخية.
ولمناسبة ذكرى بعثة النبي الاكرم محمد ابن عبد الله (ص)، هنّأ قائد الثورة الشعب الايراني العظيم والامة الاسلامية وجميع احرار العالم، قائلا: لا شك، ان يوم المبعث هو عيد لجميع احرار العالم.
واستبشر سماحته خيرا، في ضوء تزامن عيد المبعث النبوي الشريف هذا العام مع شهر "بهمن" (حسب التقويم الهجري الشمسي 1403– الموافق كانون الثاني – شباط 2025م) اي ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران (11 شباط 1979م)، مُتطلّعاً الى مواصلة المضي على نهج الثورة واهداف مفجرها الامام الخميني (رض) الذي هو امتداد للبعثة النبوية المباركة؛ مُؤكّداً سماحته: "لو حكّمنا العقل والايمان، عندها سننعم ببعثة وحركة في افكارنا ايضا".
ولفت قائد الثورة الإسلامية، الى أن مسار الدين والبعثة، هو في الواقع نهضة مستديمة وخالدة، بمعنى انه يمكن الاستفادة من بركات هذه البعثة في جميع العصور، على غرار ما حدث في بداية البعثة النبوية حيث تصدى النبي الأكرم (ص) للمهام بنفسه، وذهب إلى الميدان وأدى الأعمال بجهود لا توصف.
وتابع سماحة القائد: اذن يمكن أن تتكرر مثل هذه البعثة في كل الأدوار والازمنة، طبعاً بقدر استيعاب الناس ومع الاخذ بعين الاعتبار الفارق بيننا وتلك القمة الشامخة؛ لكن شريطة ان تتوفر فيها الركيزتان الاساسيتان التي لطالما اكد عليها ذلك الانسان العظيم، اي "العقل والإيمان".
ومضى سماحته الى القول: لو حدث هكذا تحول في فكر ووعي الناس والمجتمعات، عندها ستنطلق وتتشكل النظم السياسية والاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية على أساس هذا المبدأ.
كما أكد الإمام الخامنئي أن حركة المقاومة هي امتداد لبعثة النبي الأكرم (ص)، مشيرا إلى أن المقاومة التي انطلقت من إيران أيقظت الشعوب المسلمة، وجعلت بعضها تتحرك على الساحة، كما أيقظت ضمائر الكثير من غير المسلمين، مُضيفاً سماحته: إن نظام الهيمنة كان مجهولًا لدى الكثير من الشعوب، لكن المقاومة أسهمت في كشفه وتعريفه للعالم.
وتابع سماحته قائلاً: انظروا إلى غزة، هذه المنطقة الصغيرة والمحدودة استطاعت أن تُركع الكيان الصهيوني، وهو كيان مدجج بالسلاح ويحظى بدعمٍ كاملٍ من أمريكا. غزة جعلت الاحتلال يجثو على ركبتيه، فهل هذا أمر بسيط؟! هذه هي بركة المقاومة، وأشار قائد الثورة إلى أن هذه المقاومة تستند إلى الإيمان والعقل، والتوكل على الله، واليقين بأن العزة كلها لله، مستدلًا بالآية القرآنية: "وَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا".
كما تطرق سماحته إلى استشهاد السيد حسن نصر الله، مُعتبرا أن رحيل شخصية بحجمه خسارة عظيمة، فهو من القادة القلائل في العالم الذين امتلكوا هذا المستوى من البصيرة والشجاعة، وقال، حزب الله المُظفَّر تكبّد خسارة بحجم فقدان شخصية مثل السيد حسن نصر الله، وهذا ليس بالأمر الهيّن. كم لدينا في العالم من شخصيات عظيمة بحجم السيد حسن نصر الله، هذا الشهيد الجليل؟ لقد فقد حزب الله شخصية كهذه.
وأضاف: الأعداء والأصدقاء اعتقدوا أن استشهاد السيد حسن نصر الله سيؤدّي إلى نهاية حزب الله، لكن الحزب أثبت العكس، بل ازدادت عزيمته واستطاع أن يواجه الكيان الصهيوني بثبات أكبر.
من جهة أخرى أوضح قائد الثورة الاسلامية بأن تاريخ الاستعمار يشير الى 3 مراحل هي " نهب الثروات الطبيعية" و" النهب الثقافي وجرف الثقافة الاصلية"، و"نهب وتصرف الهوية الوطنية والدينية" للشعوب، واليوم تعمل القوى الشيطانية والكبرى بالعالم على فرض هذه المراحل الاستعمارية الثلاث على الشعوب.
وأعتبر سماحته أن اميركا على رأس القوى الاستكبارية والاستعمارية والحكومية القابعة تحت نفوذ المهيمنيين الماليين بالعالم، مضيفاً: إن الكارتيلات العالمية الكبرى كل يوم وبطريق ما تخطط لتغيير الهوية ومصالح الشعوب، وتوسيع نفود الاستعمار.
وأشار الى آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن حقد وبغضاء أعداء الاسلام، مُبيّناً سماحته: إن اعضاء مجلس النواب الاميركي يصفقون لقاتل الاطفال والممزق لأجساد الألآف منهم، ويشجعونه، أو يمنحون وساماً لقائد المدمرة الاميركية الذي أسقط الطائرة المدنية الايرانية التي أودت بحياة 300 راكب. هذه عينات من الباطن الخبيث للعدو وعداواته وأحقاده التي تستتر خلف الابتسامات الدبلوماسية، إذ يتعين علينا أن نفتح أعيننا امام هذه الحقائق وأن لا نسعى الى صداقتهم بشكل خفي كما عبر عن ذلك القرآن.
هذا وحذر قائد الثورة الاسلامية من العداوات والاحقاد الظاهرة والمبطنة والخبيثة، المستترة خلف الابتسامات الدبلوماسية مضيفاً :علينا فتح أعيننا جيدا والانتباه باننا نواجه ونتعامل ونتحدث مع من.
من جانبه، قال رئيس الجمهورية "مسعود بزشكيان" خلال اللقاء: ان البعثة النبوية المباركة انطلقت من اجل القسط والعدل بين الناس؛ مُبيناً: ان جميع الأنبياء والرسل بُعِثوا على أساس هذا المبدا.
وسأل الرئيس بزشكيان الباري تعالى ان ينعم على قائد الثورة الاسلامية بطول العمر مزيد من العزة والبركة، مُهنّئاً بالمبعث النبوي الشريف سماحته وجميع المسلمين في انحاء العالم، والشعب الإيراني الابي.
ولفت الرئيس بزشكيان إلى ما قام به النبي الأعظم (ص) بعد الهجرة للمدينة المنورة، من ترسيخ ميثاق الأخوة بين القبائل التي كانت بينها صراعات قديمة، قائلا: إيران والمجتمعات الإسلامية وجميع الأمم، تحتاج اليوم إلى الالتزام بهذا التوجه أكثر من أي وقت مضى.
ولفت رئيس الجمهورية، الى جرائم قوى الهيمنة وسفك دماء المسلمين والأطفال بذرائع مختلفة، واعتبر أن الوحدة والتماسك بين المسلمين، ستوفر الأرضية لتحقيق العدالة، وستفشل مخططات الاعداء لتوسيع دائرة الحروب وإراقة الدماء في العالم الاسلامي.